والمال الذي يسترعى فيه الخادم قد يكون المقصود مجرد حفظه كالنقود والبضائع المختلفة من حبوب أو قماش وغيرها مما يؤمر الخادم بالحراسة عليه والواجب عليه في هذه الحالة الانتباه، وعدم الغفلة لئلا يتسلل السراق لأخذ المال، وقد يكون المقصود التجارة في المال من بيع وشراء، وهنا يجب عليه أن يصرف الأموال بيعا أو شراء بأمانة ولا يقصر في حق سيده كما أنه لا يجوز له في نفس الوقت أن يغش من يعامله، ولو كان في ذلك مصلحة عائدة على سيده، وسواء علم السيد أم لا. وقد يُراد من الخادم أن يراعى بعض الدواب كالإبل والبقر والغنم والخيل، والبغال والحمير وغيرها، فيجب عليه أن يقوم برعيها والحفاظ عليها ويحرم عليه أن يدعها تجوع أو تظمأ مع قدرته على عدم ذلك، ولا يجوز له أن يضرب الدابة أو يوجعها ضربا أو رجما مضرا، فإن قام الخادم بذلك دون تقصير فهو خادم أمين يستحق جزاءين، جزاء الأجر من سيده، والثواب من ربه، وكان من المحسنين الذين يتقون عملهم طمعا في ثواب الله، وخوفا من عقابه كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم:"الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".
ما يترتب على أمانة الخادم أو غشه في الدنيا والآخرة:
والخادم إذا قام بواجبه بأمانة وإخلاص، صدق وحزم استفاد من ذلك فائدتين عظيمتين:
الأولى: إقبال الناس إلى معاملته، وائتمانهم له على أموالهم وكثير من أمورهم فيسلم بذلك من البطالة ويستمر في العمل الذي يحصل له من ورائه سد خلته، وعدم احتياجه إلى سؤال الناس.
الثانية: رضي الله عنه وإثابته إياه، على أمانته وإخلاصه وصدقه وبذلك يبقى محبوبا عند الخالق والمخلوق، وإذا لم يقم بواجبه فخان مستأجره وكذب عليه خسر خسارتين عظيمتين: