وقوله:{قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ} الضمير فيه راجع إلى القرآن المشتمل على الإنذار والتوحيد. وجملة {أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ} صفة ثانية لنبأ. وقوله:{مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلأِ الأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ} استئناف مسوق لتحقيق النذارة حيث أنبأ عن الملأ الأعلى نبأ مفصلاً دون سابق معرفة ولا مباشرة سبب من أسباب المعرفة المعتادة. فكان ذلك حجة بيِّنة دالة على أن ذلك بطريق الوحي من عند الله تعالى. وقوله:{بِالْمَلأِ} متعلق بعلم لتضمنه معنى الإحاطة. والملأ اسم جمع ولذلك وصف بالمفرد وأعيد عليه ضمير الجمع. وقوله:{إِذْ يَخْتَصِمُونَ} متعلق بمحذوف يقتضيه المقام إذ المراد نفي علمه عليه الصلاة والسلام بحالهم، والتقدير ما كان لي من علم بحال الملأ الأعلى وقت اختصامهم. والتعبير بالمضارع بدل الماضي لاستحضار حكاية الحال لأنه أمر غريب. وقوله:{إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} اعتراض بين قوله: {إِذْ يَخْتَصِمُونَ} المفيد لاختصامهم إجمالاً، وبين قوله:{إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ} المفيد لاختصامهم تفصيلاً وإنما جيء بهذه الجملة المعترضة لزيادة تقرير النذارة أيضاً وتعيين سبب علمه عليه الصلاة والسلام، ونائب الفاعل إما ضمير عائد على الحال المقدر والتقدير: ما يوحى إليّ حالهم إلاّ لأني نذير مبين من جهته تعالى. ومن قرأ {أَنَّمَا} بالفتح فعلى تقدير اللام. أما على قراءة الكسر فالتقدير: لم أومر إلا بأن أقول لكم إنما أنا نذير مبين. أي دون أن أقول لكم أنا أعلم الغيب بدون وحي. فالحصر هنا إضافي وقوله:{إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ} شروع في تفصيل ما أجمل من الاختصام. و {إِذْ} فيه بدل من {إِذْ} الأولى، وليس من ضرورة البدلية دخولها على نفس الاختصام بل يكفي اشتمال ما في حيزها عليه. وقيل {إذ} منصوب بمقدر هو اذكر. وقوله: {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ