وعليه حديث عدي بن حاتم عند الترمذي قال:"أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال: ما هذا يا عدي اطرح عنك هذا الوثن وسمعته يقرأ في سورة براءة {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّه} ". ثم قال:"أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئاً حرموه". وفي رواية "أن عدياً قال: "يا رسول الله ما كنا نعبدهم". فقال: "ألم يكونوا يحرمون عليكم ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون لكم ما حرم الله فتحلونه"، قال: "بلى". قال: "تلك عبادتكم إياهم".
وبهذا يظهر أن الحكم أصالة لله وحده وتشريع الأحكام له سبحانه وحده وليس لأحد سواه في ذلك حق.
وقد ظفرت في هذا المقام بما كتبه فضيلة والدنا الشيخ محمد الأمين حفظه الله لأضواء البيان فيما يعده للجزء السابع الذي لم يقدم للطبع وهو مبحث لم يسبق إليه في بيان موجبات التشريع وصفات من له الحق في ذلك لكمال ذاته وصفاته.
ذكر ذلك عند قوله تعالى:{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} نوجزه من ما يحتمله المقام إلى أن يتم الله هذا الجزء وينعم علينا بظهوره. فيرجع إليه كل طلب، ويتزود منه كل راغب وقد ذكر فضيلته عن هذا الموضوع في مواضع مختلفة من الأضواء خاصة في الجزء الثاني وفي سورة النساء، والكهف، والمائدة، وبني إسرائيل، وكلها ولله الحمد وافية، ولكن ما أعده حفظه الله في هذا المقام أتم وأوفى ما كتب.