فلو أن أي أمة غير أمة العرب انتشرت هذا الانتشار لم أشك لحظة أنه كان يُقضى على سائر خصائصها ومنها - اللغة -، أو على الأقل تضعف وتنضب مقوماتها وخصائصها، لكن الذي حدث بالنسبة للعرب والعربية أن صمدت مقوماتهم وازدادت العربية قوة وازدهاراً وتماسكاً فبدل أن تحتويها كل تلك الأمم والحضارات واللغات وتطغى عليها، احتوت هي كل تلك الأمم والحضارات، وطغت على سائر تلك اللغات، ولا شك أن العاملين الآخرين كان لهما دون رئيسي في ذلك وهما: نزول القرآن دستور الإسلام باللغة العربية وتكلم الرسول صلى الله عليه وسلم بالعبرية فهذان جعلا - دين الإسلام - كله عربياً، وهو دين عالمي، فكان دخول الأمم في حظيرة الإسلام دخولاً في حظيرة العربية.. وهذا أعطى اللغة العربية عامل: الفكر والثقافة والخصائص الحضارية بأوسع نطاق، فسعدت العربية بظهير حضاري لم تسعد به أي لغة أخرى حتى ولا العبرانية أو الرومانية أو غيرها..
والعامل الآخر: قوة الكيان السياسي الذي تمثل في أوج الفتوحات بشكل لم يسبق له نظير في العالم، بحيث أصبحت الدولة العربية التي حملت لواء الإسلام أقوى دولة بلا منازع، وذلك أعطى اللغة العربية الفرصة لكي تكون اللغة العالمية بلا منازع أيضاً.. فكانت لغة الفكر والثقافة والعلم والأدب، والطب والحكمة وسائر ما يحتاج إليه البشر..
٣- النتيجة الثالثة والأخيرة وهي أهم نتائج هذا البحث بل هي مقصودة ومرامه، أن - اللغة العربية المتكاملة الرئيسية - التي نزل بها القرآن كانت هي - العدنانية - بسائر لهجاتها وفروعها.. وكان الفرع الرئيسي الذي حظي بأكبر حظ من الآيات والحروف لسان قريش - أعظم القبائل العدنانية -.