على أن الدعوة إلى العلم - في القرآن الكريم - بارزة في كثير من آي الذكر الحكيم قال تعالى:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُون}[٢] وقال جل من قائل: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَات}[٣] وقال: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}[٤] إلى غير ذلك من آيات بينات.
ويمكن القول بلا تحفظ بأن الإسلام خاطب عقل الإنسان وحواسه ومشاعره وجوارحه، ووجهه إلى النظر والمشاهدة والتأمل والاعتبار وغير ذلك من أمور تدفع إلى المعرفة وتنشد الوصول إلى الحقيقة وإن اهتمام الإسلام بالعلم ليس له مثيل أو نظير في غيره من نظم أو أديان حديثة كانت أم قديمة وإذا أردنا أن نعرف مقام العلم في الإسلام فلنرجع بعد القرآن الكريم إلى ما ورد في شأن ذلك على لسان سيد المرسلين إذ يقول:"طلب العلم فريضة على كل مسلم".
ولم يقتصر الأمر النبوي على طلب العلم الشرعي بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا إلى تعلم كل ما يعود على المسلمين بالخير أو يدفع عنهم الشر، من هذا أنه صلى الله عليه وسلم أول ما قدم إلى المدينة أمر زيد بن ثابت الأنصاري أن يتعلم لغة اليهود لأنه لا يأمنهم على دينه [٥] .
أليس رسول الله صلى الله عليه وسلم هو القائل:"العلماء ورثة الأنبياء" وهذا يدل على أن منزلة العلماء من أرفع المنازل في الإسلام بعلمهم وعملهم وتعليمهم وإرشادهم للمسلمين.
ولقد بلغ التشجيع العلمي أوجه عند المسلمين وفتح باب العلم للجميع لا يدفعه دافع ولا يمنعه مانع والتزمت الدولة الإسلامية دائماً بأداء واجبها تجاه العلم والعلماء وتولد عند المسلمين نشاط علمي واسع في ميادين المعرفة المختلفة لم يعهده التاريخ. ولقد حقق هذا النشاط ازدهاراً حضارياً رائعاً لقرون تسعة من تاريخ الإسلام.