وجرت سنة الله على عبده ورسوله ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولا تحويلاً فالتحق بالرفيق الأعلى طيب النفس، قرير العين وشاع خبر موته في المجتمع المسلم فانقسم الناس إلى قسمين مصدق ومكذب. وكان من بين القسم الأخير عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي خطب في الناس قائلاً:"زعم قوم من المنافقين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات، وهو لم يمت ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران".وكان أبو بكر حينئذ غائباً. فلما حضر وتأكّد من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، نزل إلى مكان اجتماع الناس فخطب فيهم خطبة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقال:"من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات"وبكى بكاء شديداً (قلت وآيم الله لقد بكى بكاء رحمة على فراق الحبيب صلى الله عليه وسلم وأبكى من حوله) واستأنف كلماته الذهبية: "من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد لله فإن الله حي لا يموت "ثم تلا قوله تعالى من سورة آل عمران: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} .
وتيقن الناس من صحة الخبر الذي أقضّ مضجعهم لشدة حبهم له صلى الله عليه وسلم مع الإتباع الكامل.