ومن المحزن حقاً - أيها الإخوان - أن يجلس فيها بعض الأزواج إلى منتصف الليل هرباً من زوجاتهم، ومن مطالب بيوتهم، ومن مشكلات أولادهم، فالزواج قيادة ومسئولية، قبل أن يكون إمتاعاً وتسلية وألهية، والزوجة التي لا ترى زوجها في البيت يؤانس ويستمع ويسهم في حل المشكلات، سوف تضيق به في آخر الأمر، وتلبس له ثوب العداوة، وتحمل بيديها المعول تهدم به بيتها وبيته.
والأولاد الذين لا يرون أباهم إلا على طعام الغذاء، أو على فراش المرض، أو ساعات استقبال الزائرين والأضياف هم أولاد مضيعون تائهون، لا يدرون أين يذهبون، ولا كيف يذهبون.
أولادكم أيها الأخوة في حاجة ماسة إلى هذه الساعات الطويلة الثقيلة التي تضيعونها في المقاهي، في حاجة إلى أن يعرضوا لكم أمورهم، وأن يشكوا إليكم أحوالهم، وأن يجدوا أنفسهم مسئولين أمامكم..
هم في حاجة إلى عطف روحي، وحنان أبوي، في حاجة إلى دفء جناحي طائر يجثم على بيضه، إن حاجات النفس والروح والقلب أشد وأعظم من لقمة طعام دسمة توضع في الفم، أو حلة جميلة تلقى على الجسم، فالإنسان بخلقه وقلبه لا بمعدته ثوبه.
إن أولاد الأغنياء منكم لا يربون بملء جيوبهم بالمال، وإن أولاد الفقراء منكم لا يربون بالوعود الكاذبة والتسويف والمطال.
عليكم بالشجاعة والصبر وسعة الصدر، اجلسوا مع أولادكم طويلاً، واملئوا قلوبهم بحنانكم وعطفكم ووجودكم بينهم، وأشعروهم دائماً أنكم جميعاً أصابع في يد واحدة.
إن أولئك الأزواج الذين يظنون الحياة الزوجية قطعة من الحلوى يأكلونها وهم متكئون على الأرائك - هم سكارى أو حالمون، فالحياة الزوجية جهاد وكبد، وعليكم أيها الأزواج أن تجاهدوا في هذه الحياة، وأن تكابدوا لخيري الدنيا والآخرة، واستعينوا بالله دائماً واشكروا على ما رزقكم قلّ أم كَثُر، وإياكم، إياكم أن تتركوا سفنكم يقودها الموج الأرعن فيقذفها حطاماً على الشاطئ.