للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما التجربة الجزئية فقد قامت بها إنجلترا وأمريكا ومصر وبعض الدول الأخرى ثم قامت بها أخيراً كل دول العالم تقريباً وقد نجحت هذه التجربة الجزئية أيضاً نجاحاً منقطع النظير.

وقد سمينا هذه التجربة بالتجربة الجزئية لأنها جاءت قاصرة على عقوبة واحدة من عقوبات الشريعة وهي عقوبة الجلد. فإنجلترا تعترف بالجلد عقوبة أساسية في قوانينها الجنائية والعسكرية، ومصر تعترف بها في قوانينها العسكرية, وأمريكا وبعض الدول تجعل الجلد عقوبة أساسية في الجرائم التي يرتكبها المسجون، ثم جاءت الحرب الأخيرة فقررت كل الدول تقريباً عقوبة الجلد على جرائم التموين والتسعير وبعض الجرائم الماسة بالنظام أو الأمن العام. وهذا اعتراف عام عالمي بأن عقوبة الجلد أفضل من أية عقوبة أخرى, وأنها الوحيدة التي تكفل حمل الجماهير على طاعة القانون وحفظ النظام, وأن كل عقوبات القوانين الوضعية لا تغني عن عقوبة الجلد شيئا في هذا الباب. وهذا الاعتراف العالمي هو في الوقت نفسه اعتراف بنجاح الشريعة الإسلامية في محاربة الجريمة؛ لأن عقوبة الجلد هي إحدى العقوبات الأساسية في الشريعة.

عن كتاب: التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي

للدكتور الشهيد عبد القادر عودة رحمه الله


[١] أي حين كتب المؤلف هذا الفصل من كتابه النفيس, وظاهر أن تطبيق الشريعة في الحجاز بدأ منذ فتح الملك عبد العزيز آل سعود مكة والمدينة عام ١٣٤٥.