وهو مع هذا يعرض ويتولى. وما ذلك إلا ضياع منه لنفسه ونسيان لحظه وتمرد على ربه:{أَوَلَمْ يَرَ الإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ, وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ} . نسي خلقه من نطفة مخلقة فمضغة حتى إذا كان يافعا فتيا ناصب ربه العداء وشرع لخلق الله ما أراد.
وخير ما نختتم به هذا البحث الإنذار من الله لخلقه {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} .
{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} . وإن حقيقة الإسلام لا تتحقق إلا بكمال الاستسلام كما قيل:
وأسلمت وجهي لمن أسلمت
له الأرض تحمل صخرا ثقالا.
دحاها فلما استوت شدها.
سواء وأرسى عليها الجبالا.
وأسلمت وجهي لمن أسلمت.
له المزن تحمل عذبا زلالا.
إذا هي سيقت إلى بلدة
أطاعت فصبت عليها سجالا.
وأسلمت وجهي لمن أسلمت.
له الريح تصرف حالا فحالا.
ومن أبرز النصوص في موضوع من لم يحكم بما أنزل الله ما جاء متتاليا في سورة المائدة ثلاث مرات {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} والثانية {فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} وفي الثالثة {فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} .