وجميع المفسرين والكتاب وعلماء الكلام فيهم الطحاوي يتناولون هذه النصوص بالبحث من وجهات علمية ثلاث تتلخص فيمن نزلت؟ , وبمن اختصت؟ , وعلامَ دلَّت؟. واتفقوا أنها نزلت في اليهود والنصارى أما بمن اختصت. فالبعض يخصها بمن نزلت فيهم والأكثرون يعمون بها على أساس أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. وأن شرع من قبلنا شرع لنا. وأنها ما ذكرت لنا في شرعنا إلا من أجلنا لنحذر مما حذرت منه. أما مدلولها فالبعض أيضا على أن الألفاظ الثلاثة قد تكون مترادفة المعنى وكلها تأتي بمعنى الشرك وبمعنى العصيان وعليه هل هذا الكفر والظلم والفسق مخرجة من الملة أم هي كفر دون كفر وفسق عصيان وظلم في الفروع؟.
وقد بحث هذا الموضوع شارح الطحاوية بما نصه: قال: "وهنا أمر يجب أن يتفطن له وهو: أن الحكم بغير ما أنزل الله قد يكون كفرا ينقل عن الملة وقد يكون معصية كبيرة أو صغيرة. ويكون كفرا. إما مجازيا وإما كفرا أصغر على القولين المذكورين. وذلك بحسب حال الحاكم: فإنه إن اعتقد أن الحكم بما أنزل الله غير واجب, وأنه مخير فيه, واستهان به مع تيقنه أنه حكم الله فهذا كفر أكبر. ون اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله وعلمه في هذه الواقعة وعدل عنه مع اعترافه بأنه مستحق العقوبة. فهذا عاص. ويسمى كافرا كفرا مجازيا أو كفرا أصغر. وإن جهل حكم الله فيها مع بذل جهده واستفراغ وسعه في معرفة الحكم وأخطأه, فهذا مخطئ، له أجر على اجتهاده وخطؤه مغفور" هـ..
فقد أوجز الحكم على من حكم بغير ما أنزل الله بناء على اعتبارات مختلفة في نفس الحاكم من اعتقاده أو غير وجوبه وعلمه وجهالته ونحو ذلك.