للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحال أن الجاني معتد فإن الظلم لم يرتفع؛ لأن المال عوض العضو وبقي حق الاعتداء, فأي عقوبة بغير القصاص ستكون ظلما؛ لأنها إما زائدة عن العضو فيظلم الجاني, وإما ناقصة فيظلم المجني عليه ولا يرتفع الظلم إلا بالمقاصة. {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} . وهذا أيضا يجعل هذا الوصف وإن كان خاصا في اليهود إلا أنه عام في كل أمة, إذا لم ينفذ حكم القصاص في النفس والأطراف والجروح فهي ظالمة. ولا تكون بذلك وحده كافرة, أي أن هذا جور في الحكم وحيف في الحق وهذا من المعاصي وليس من الكفر والشرك.

وذلك مع اعتبار ما قاله شارح الطحاوية من معتقد الحاكم المتقدم تفصيله وبالله التوفيق.. وهذا ما يتعلق بالمسلمين حاكمين ومحكومين.

أما المواطنين غير المسلمين فإنهم لا يكون إلا محكومين ولكنهم يكونون متساوين مع المسلمين في التقاضي من العدالة والمساواة والإنصاف وضمان الحقوق, قياما لله بالحق {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} . وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله.

حق المواطنين غير المسلمين في التحاكم:

لقد رأينا في المقدمة ما كان عليه حال البلاد المسلمة حينما كانت تحت حكم الاستعمار وما كان عليه حال المستعمرين من تمييز وحماية ثم اختصاص بمحاكم خاصة في ظل الغلبة والقوة.