ارتفعت أصوات في الجزر البريطانية في أوائل هذا القرن تنادي بوجوب تأسيس معهد شرقي في بريطانيا تكون مهمته: إعداد وتخريج رجال ونساء يستطيعون أن يخدموا وطنهم في الشرق وفي اتصالاته بالشرق إما في السلك السياسي أو في التجارة أو في دوائر الحكومة وراء البحار أو في ميدان الثقافة غير أن هذه الأصوات لم تجد صدىً أو تشجيعاً من الحكومة إلا تحت ضغط الحرب العالمية الأولى التي أظهرت للحكومة البريطانية قلة عدد البريطانيين الذين يهتمون بلغات الشرق وذلك بالرغم من مصالح بريطانيا الكثيرة المتزايدة الممتدة من المحيط الأطلسي إلى بحر الصين، وفي أوائل الحرب العالمية الأولى كلفت الحكومة اللورد -رِيْ- برئاسة لجنة وظيفتها دراسة حاجة بريطانيا إلى معهد علمي من هذا الطراز وبعد مدة نشرت اللجنة تقريرها الذي أشارت فيه إلى وجوب الإسراع في إنشاء معهد شرقي فقبلت الحكومة مقترحات اللجنة وتم تأسيس معهد للدراسات الشرقية في جامعة لندن سنة ١٩١٧م. ا-هـ.
هذا ما جاء في محاضرة المستشرق- داود كاون - وهي تحتوي على إشارات خطيرة سوف تعيننا في سبر غور هذه الحركة الإستشراقية سواء كانت في بريطانيا أو في أي قطر آخر من الأقطار الأوروبية أو في القارة الأمريكية فإن كل هذه فروع والحقيقة واحدة والأهداف مشتركة. ولندع الحقائق تتكلم:
١- بينّا في أول هذه المحاضرة الموقف الذي وجدت الكنيسة الصليبية نفسها فيه أمام الحضارة الإسلامية الزاحفة على أوروبا منذ القرن الثامن الميلادي والهزات العنيفة التي منيت بها أمام تأثير هذه الحضارة فاتخذت هذه الكنيسة منذ البداية موقف المقاومة الشرسة والعداوة المستحكمة تجاه المسلمين وحضارتهم..