ومن العجيب أنه في نفس الوقت الذي عقدت فيه مؤتمرات رجال الكنيسة الصليبية والتي قرروا فيها أهمية توسيع دائرة الدراسات الإسلامية والعربية لاستخدامها في تحقيق مآربهم عقد مؤتمر اقتصادي استعماري في برلين بألمانيا كان من أهم قراراته ما ذكره رئيس غرفة التجارة في هامبورغ وهو قوله:
"إن نمو ثروة الاستعمار متوقف على أهمية الرجال الذين يذهبون إلى المستعمرات وأهم وسيلة للحصول على هذه الأمنية إدخال الدين المسيحي في البلاد المستعمرة لأن هذا هو الشرط الجوهري للحصول على الأمنية المنشودة حتى من الوجهة الاقتصادية.
ومن أسرار التاريخ المفجعة أن نعلم أن الكنيسة الصليبية تعاونت مع الصهيونية وحكومة بريطانيا على سلب فلسطين من المسلمين وتقديمها هدية رخيصة لليهود وأن روتشيلد الثري الصهيوني كان يساعد الجميع [١٦] .
ولا آتي بسر خفي إذا قلت أيضا أن معظم مراكز الدراسات الإسلامية والعربية في بريطانيا أسست بعد مؤتمري أدنبره ولكنو الصليبيين وبعد اللجنة التي أمرت الحكومة البريطانية بتكوينها لما أحست بأن مصالحها الاستعمارية في العالم الإسلامي تحتم استخدام هذه الدراسات كوسيلة فعالة..
وهذا شيء لا ندعيه نحن بل يصرحون به أنفسهم وهم لا يخفون أيضاً أن عدداً من تلك الكراسي كان يؤدي عمله بتمويل من بعض الشركات الصناعية أو أصحاب المصالح من المتمولين، يقول المستشرق -جون بيرتون - رئيس قسم الدراسات العربية بجامعة أندروز في مقالة نشرتها مجلة الإذاعة البريطانية [١٧] :
"لم تتأسس دائرة الدراسات العربية بوصفها الحاضر في جامعة سانت أندروز إلا في سنة ١٩٦٨م وقد حصل ذلك إلى حد ما نتيجة لتقرير رفع إلى الحكومة (؟) يحث الجامعات على الاعتراف بخطورة دراسة حياة الشعوب العربية الحديثة ولقد أصبح استقلال العرب ومطامحهم القوية منذ الحرب عاملاً خطيراً متنامياً في السياسة العالمية".ا-هـ.