ولو كان المقام يتسع لذكر أمثلة من طعنه في هاتين الشخصيتين لذكرتها لكن الكتاب مطبوع ومترجم ومعتنى به من قبل دكتورين مسلمين والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.. ولكن نذكر مثالاً واحداً لنتبين إما مدى سخف عقلية هؤلاء المستشرقين التي لا ندري أهي ذرية أم - كلية - أو مدى استخفافهم بعقليات المسلمين وذكائهم ويقظتهم وفهمهم لدينهم وتاريخهم:
يقول جولد زهير محاولا إثبات أن الزهري رحمه الله كان يضع الحديث؟ بناء على طلب الخلفاء الأمويين وقد ذكر ذلك في كتابه - دراسات إسلامية - كما ينقل عنه بعض تلاميذه.. يقول:
"إن الحكومة في الدول الأموية كانت إذا أرادت أن تعمم رأياً وتسكت العلماء الأتقياء الذين كانوا يميلون إلى أعداء البيت الأموي من العلويين كانت تتذرع بالأحاديث التي توافق وجهتها فتضع الحديث أو تدعو إلى وضعه".ا-هـ.
ثم ذكر بعض أدلته التي بنى عليها حكمه هذا الخطير العجيب وكان من أعجبها ما يأتي:
يقول: "وقد استغل الأمويون أمثال الإمام الزهري بدهائهم في سبيل وضع الحديث وذلك يظهر لنا من بعض الأخبار التي نجدها محفوظة عند الخطيب البغدادي ويمكن استخدامها هنا فقد حدثنا معمر عن الزهري بكلمة مهمة وهي قوله: أكرهنا هؤلاء الأمراء على أن نكتب أحاديث. فهذا الخبر يفهم منه استعداد الزهري لأن يكسو رغبات الحكومة باسمه المعترف به عند الأمة الإسلامية [٢٥] .ا-هـ.
قلت: وفي هذا المقال يتجلى لك مدى الخبث والدهاء الذي يتمتع به أمثال هذا المستشرق فهو يصيب بمثل هذه الشبهة عدة أهداف في آن واحد:
يطعن في عدالة إمام الرواة والحفاظ ابن شهاب الزهري ليهدم أكبر جانب من السنة ويطعن في الدولة الأموية التي كانت من أعظم الدعائم لدولة الإسلام بعد الراشدين وفي عهده وصلت رايات المجاهدين أقصى الحدود.. ووطئت سنابك خيلهم أراضي الروم والفرس بل أعماق تلك الأراضي..