اسمح لي الآن أن أنصرف.. وانصرفت وفكري معه وصورته ما تزال تطوف بخيالي.. لكم أتمنى أن يكون كل الشباب المسلم هكذا؟ ولكن ليست الأمور بالتمني، إن الواقع وربما دلائل المستقبل تكذب هذا التمني.. وطال ليلي وأنا أفكر وأخيراً نمت وفي الصباح استيقظت وتوجهت إلى المسجد هادئاً لا صوت ولا حركة لكأنه غريب يلفظ أنفاسه الأخيرة في فلاة منقطعة وكانت الشوارع تبدو خالية إلا من مبكر إلى مزرعته آخذ بذنَب بقرته أو صاحب متجر طمع في بيعة زيادة فابتدر يومه، دخلت المسجد وإذا بأسامة جالسا ينتظر.. ألقيت عليه السلام ثم قلت أنت قضيت الليلة هنا أم جئت الآن.. تبسم وقال لو كنت أستطيع لفعلت لقد جئت منذ قليل ثم أذنت للفجر وجلست قلت هيا بنا نصلي قال هيا.. صلينا وخرجنا قلت له الإفطار عندي قال لا بأس ليكن عندك إنني سأسافر اليوم إن شاء الله اليوم اليوم ولماذا لم تخبرني قبل ذلك. قال وماذا كان سيحدث؟ إن الكلية ستبدأ غداً ولا بد لي أن أحضر الدروس الثنائية من أولها لننهي تلك المرحلة بعون الله. قلت موفق بإذن الله لا أستطيع أن أقول أكثر من ذلك.
دخلنا منزلنا وأفطرنا ثم جلسنا قليلا وخرجنا وتوجه هو إلى منزله وبعد فترة أرسل لي أخاه الصغير.. إن أسامة مسافر الآن. توجهت معه إلى السيارة ولقد كان وداعاً حاراً ومؤلماً لم يكن مثل كل وداع ولم أكن أدري أن هذه آخر مرة أرى فيها أسامة.
وتابعت السيارة وهي تغيب عن بصري رويداً رويداً ثم عدت لمنزلي والخواطر تذهب بي كل مذهب. وجاء موعد رحيلي أنا الآخر وتوجهت إلى المدينة المنورة وبعد حين وصلتني أول رسالة من أسامة جاء فيها: