ولم يمض أسبوع على تلك الرسالة حتى اندلع القتال الضاري في العاشر من رمضان والذي استمر ما يقرب من ثلاثة أسابيع وانتهى بنصر وليس بالنصر كله.
وبينما أنا مار لفت نظري بائع الصحف ولا أدري ما الذي استوقفني إنني أسمع الإذاعة وفيها ما يغني عن الصحافة.. سألت البائع هل جاءت صحف؟ قال نعم ناولني الجريدة ونظرت في الصفحة الأولى وفجأة كأنما الأرض تتزلزل تحت أقدامي واعتراني دوار شديد - ما هذا يا ترى؟ أهذا الذي أرى حقيقة - إنها صورة أسامة - إنها لتكاد تملأ الصفحة الأولى.. وما هذا العنوان؟ (استشهاد البطل) . استشهد أسامة.. لقد رحل أسامة.. لقد باع نفسه لله.. وداعا يا أسامة لقد انفردت وحدي.. ورحت أقرأ ما كتب عنه:
"هذا البطل الذي ننشر صورته اليوم رمز لتصميم المسلم وانتقامه، لقد انتقل صائماً أغار بطائرته على القواعد الإسرائيلية ستاً وثلاثين غارة كانت جميعها ناجحة لم يفلح رؤساؤه في إقناعه بالراحة قليلا، لقد رفض كل راحة كانت تعطى له وفي غارته الأخيرة استطاع أن يسقط للعدو في طلعة واحدة خمس طائرات ثم أحس أن الوقود المتبقي في الطائرة لا يكفي لعودته إلى قاعدته.. أخطر القيادة بالأمر.. قال سوف أتصرف.. سوف أنتقم الانتقام الأخير.. ثم ألقى بالطائرة على أضخم قاعدة للصواريخ (هوك) أرض جو ولقد اندلعت النيران في كل القاعدة إنه البطل أسامة، الذي ترك وراءه سبعة أطفال أشبه بالطيور التي ما يزال ريشها ممتلئا بالدم.. ترك أمه وخطيبته.. إنه لم يمت.. سيظل حيا دائما".