لأن فعيلا يستوي فيه الواحد والمثنى والجمع كما في قوله تعالى:{وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} فهو مفرد أريد منه المثنى وهذا مذهب الفراء وعليه فلا يحتاج إلى تقدير. قال أبو حيان: والأجود أن يكون حذف من الأول لدلالة الثاني عليه والتقدير: عن اليمين قعيد يعني وعن الشمال قعيد كما قال الشاعر:
رماني بأمر كنت منه ووالدي بريئا ومن أجل الطوى رماني
أي كنت منه بريئا ووالدي بريئا. ومذهب المبرد أن التقدير عن اليمين قعيد وعن الشمال فأخر قعيد عن موضعه. وقوله {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ}{مِنْ} زائدة لاستغراق النفي داخلة على المفعول. والفاعل على ضمير يعود على الإنسان على قراءة الجمهور. وأما من قرأ {يَلْفِظُ} بالبناء للمفعول فنائب الفاعل من قول.
وقوله {لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} لديه خبر مقدم ورقيب مبتدأ مؤخر والجملة في محل نصب على الحال. فإن قيل: قد علم من قوله إذ يتلقى المتلقيان الآية.. أنهما يحفظان أعماله فما فائدة قوله {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ} الآي ة؟ . أجيب بأنه يعلم من الآية الثانية أن الملكين مُعِدان لذلك بخلاف الأولى فإنه لا يعلم منها ذلك. وأيضا في الثانية التصريح بأن الملك يضبط كل لفظ ولا يعلم ذلك من الأولى. هذا وإذا كان على اللفظ رقيب عتيد فمن باب أولى أن يكون على الفعل.