لقد علمنا جميعا أن هذا العصر، عصر المشكلات والأزمات، وإن كان لكل عصر طابع يغلب عليه ويكون له سمة وشعاراً، فطابع هذا العصر القلق النفسي والاضطراب الفكري، وعدم الثقة، والشعور المتزايد لدى كل طبقة وفرد بما له من حقوق، والتهرب من واجباته ومسئولياته، ولعل نصيب الجامعات أوفر من نصيب كل مؤسسة ومنظمة لأنها دار الشباب، وهم أكثر خضوعا لروح العصر ولما تغزوه من موجات واتجاهات لحداثة سنهم وعدم نضجهم، وقلة الصبر والاحتمال عندهم، ولأن جميع الأحزاب السياسية والحركات الثورية تستغل هذه الخصائص وما عند الشباب من حماس وجموح واندفاع، وتستخدمهم في كل بلد لغاياتها السياسية ولقلب النظام، ونشر الفوضى وتتخذهم مطية لأغراضها التافهة الخسيسة أحياناً، والهدامة أحياناً أخرى، فأصبحت الجامعات في الغرب والشرق أكبر مسرح للفوضى والقلق، ونقطة انطلاق للإضرابات والاضطرابات، وتوزعت جميع الجامعات بين معسكرين معسكر رجال الإدارة، وأسرة التعليم، ومعسكر التلاميذ والشباب، والحرب قائمة على قدم وساق بين هذين المعسكرين، كأنها حرب بين المستعمرين والمواطنين، وبين ظالمين ومظلومين.