وقد أصبحت قضية الجامعات وما تعانيه من مشكلات وأزمات (فضلا عن هبوط المستوى الخلقي والعلمي والإنساني وإن التعليم عد أصبح لا يؤتي أكله ولا يحقق غايته) القضية الكبرى في الغرب والشرق وهي أكثر تعقدا في بلادنا لأنها تمر بمرحلة دقيقة انتقالية حتى أصبح بعض قادة الرأي وساسة البلاد يرون أن ضرر هذه الجامعات والتعليم العالي أكبر من نفعه ولكن الأمر قد أفلت من أيديهم لما نشروا من دعاية ساحرة مسلحة بأقوى الأساليب العلمية والنفسية للتعليم العالي وحاجة البلاد إلى أكبر عدد من الجامعات حتى أصبح ذلك مقياسا لحضارة البلاد وقابلية الشعوب ولما بالغ الكتاب والمثقفون في تمجيد العلم والثقافة خصوصا الثقافة الراقية مبالغة تشبه التقديس والتأليه، من غير اشتراط لشروط، وتنويه بالغايات، فأصبحت الثقافة والتعليم العالي في أي لون كان إلهاً يعبد ويقدس وأصبح شيئاً خيالياً شعرياً ككثير من المعاني والخيالات الشعرية عند الإغريق وبراهمة الهند حتى أصبح الواقعيون العمليون يشكون في منزلة العلم التي أنزله فيها الفلاسفة ويشكون في الفطرة الإنسانية وصلاحيتها، وليس الخطأ خطأ العلم ولا خطأ الفطرة البشرية، إنما الخطأ تقديس العلم مجرداً من كل غاية ومن كل خلق ومن الإيمان والعقيدة (ومبدأ العلم لأجل العلم) الذي آمن به الغرب أخيراً، والطريق القويم هو طريق الأنبياء، وطريق القرآن في وصف العلم والعلماء وما شرع له من آداب وأحكام، وما حدد له من غايات، ونحن في غنى في هذا المجلس الموقر الذي ضم نخبة العلماء وصفوة المفكرين في الإفاضة في هذا الموضوع.