بالعكس من ذلك إن نظامنا التعليمي قائم على الإيمان بشرف بالعلم، وفضل العلماء، ونظرته إلى العلم ومكانته ومصادره ومهمته ورسالته تختلف كل الاختلاف عن نظرة النظام التعليمي الغربي المادي، وكذلك نظرة التلاميذ إلى أساتذتهم وكل ما يتصل بالعلم من وسائل وأدوات، وأسباب ومقدمات، تختلف اختلافا كبيرا عن نظرة المتعلمين في الغرب وفي العصر الحديث، ولنظرة عجلى في فضائل العلم والعلماء في الإسلام، وما ورد فيها من آيات وأحاديث، وما أُلف فيها من كتب ورسائل، تكوّن مكتبة مستقلة تكفي لفهم الفرق بين أبناء المعاهد الدينية ومراكز التربية العصرية.
ولكن من الواقع الذي يجب أن نعترف به تأثير الزمان والبيئة والفلسفات العصرية والعوامل السياسية والاقتصادية كان عميقاً جداً في أبناء جامعاتنا الإسلامية ومعاهدنا الدينية لم يخل عنه المعلمون والمربون وقد أصيبت طائفة كبيرة من الطلبة بالبلبلة الفكرية والقلق النفسي وعدم الإجلال للعلم وقيمته، وندر من كان مخلصاً في طلبه للعلم يطلبه ويعكف عليه إيماناً واحتساباً، وابتغاء مرضاة الله يعتز بمكانته ويحمد الله عليها، منقطعا إليه بقلبه وقالبه متحملا للأذى في سبيله، يرى في اكتسابه لذة وعزة لا تعدلها لذة وعزة، متضلعا من الدعوة، متساميا برسالته، مؤمنا بها كل الإيمان صاحب عاطفة قوية وحب دافق يتمرد به على الشهوات والنزوات، والشكوك والشبهات، يؤثر ولا يتأثر، ويحرك ولا يتحرك، ويعلو ولا يعلى عليه.
بل مع الأسف نجد كثيراً منهم لا يمتازون عن نظرائهم وأقرانهم شباب الجامعات المدنية في الأخلاق والأذواق والإيمان بصلاحية الإسلام وخلوده وحاجة البشرية إليه بل ربما كان من تأثر من شباب الجامعات المدنية بدعوة دينية أو شخصية إسلامية قوية أو مطالعة صالحة أحسن حالا وأقوى إيمانا وأكثر حماسا للإسلام من شباب الجامعات المدنية الذين لم يسعدهم الحظ بذلك.