ذلك أنه ينبغي ألاّ يباح دخول معاهد المعلمين، إلا لمن نجح وحصل على معدّل جيد، في امتحان شهادة الدراسة الثانوية، وهذا المعدل تقوم بتقديره لجنة مسئولة على ألاّ يقل معدّل الدرجات العم فيما أرى عن خمس وسبعين في المائة، أو على الأقل ألا يقل عن هذا المعدل في المواد التي سيتخصص في دراستها، وتدريسها في المستقبل.
وإن إغماض العيون عن هذا الشرط، وفتح أبواب معاهد المعلمين على مصاريعها لكل من نجح،دون اصطفاء واختيار، إن ذلك كان ولا يزال وسوف يظل من أعظم الأسباب في هبوط مستوى التعليم.
ليست المدرسة داراً لإزالة الأمية، وليس التلاميذ أوعية فارغة تملأ بالمعلومات، وإنما المدرسة مسجدٌ يهدي للتي هي أقوم، وأُمٌ تحنو وترضع العلم، وأبٌ يربي باللسان والقدوة الصالحة، وعيادةٌ نفسية تكشف الميول والغرائز وتشبعها بما طاب وأفاد ومصنعُ رجال يبني الشخصيات على أساس أن يعتمد التلميذ على نفسه بعد الاعتماد على الله وأن يشارك في عملية التعليم مشاركة إيجابية لا أن يقف منها موقف المستقبل المتكل على المعلم في كل شيء.
وقيادة التلاميذ على هذا المستوى، عملية شاقة، لا يستطيعها معلمون عاديون نتلقفهم كيفما اتفق، دون اختيار دقيق، وميزان مقسط.
ولما في عملية التعليم من تربية عظيمة ومقاصد سامية وتوجيهٍ هادف مستمد من الدين، كان لا بد أن نشترط في هذا الطلب الذي نعده للتعليم في المستقبل شرطاً أخلاقياً، هو في الحقيقة أعظم أهمية من الشرط العلمي السابق، ذلك أن الطالب المختار لمعاهد المعلمين، لابد أن يكون على حظٍ موفور من حميد الأخلاق وكريم السجايا على المستوى الجدير بالمسلم الحق.