ولكن لا بد لهذا المعلم أن يواصل إعداد نفسه بنفسه، غير راض أن يقف في أول الطريق، ولا على أولى درجات السلم، وعليه أن يبذل ما يستطيع من مال وجهد ووقت في سبيل تعميق مادته العلمية، وتوسيع ثقافته العامة، وتجديد معلوماته المسلكية، وعليه أن يقوم بتجارب متعددة في التدريس إلى أن يصل إلى ما هو أنجح وأجدى، أما إذا قنع بما ناله أيام الدراسة، واستعبدته طريقة واحدة من طرق التدريس فسوف يصدأ على الأيام ويبلى ويعلوه التراب، ويكون قد أضاع نفسه، وأضاع تلاميذه، وأضاع الأمانات التي حملها.
هذا، وعلى الوزارة المختصة ولا سيما قسم التوجيه التربوي، ألاّ تترك المعلمين وشأنهم، بل عليها أن تدعوهم إلى دورات صيفية عامة، أو دورات شهرية محلية، لتعرض عليهم ما لدى المختصين فيها، من جديد مفيد في شؤون العلم والتعليم وفي طرق التدريس، والتربية، وعلم النفس، وعليها أيضاً أن تستمع إلى آراء المعلمين في المناهج المقررة، وفي الكتب المدرسية. فهم أدرى الناس، وأعلمهم بما فيها من طول أو ضعف، أو صعاب، أو ارتفاع عن المستوى أو عدم صلاحية، وعليها أن تأخذ بآرائهم إذا رأت فيها الصواب وصدق التجربة.
هذا ما أردت أن أقوله لكم أيها الإخوة الكرام في سبيل إعداد المعلم الصالح للمرحلة الابتدائية.
ولقد كان في إمكاني أن أرسم صورة أخرى أكثر بريقاً وأشد لمعاناً وأبعد مثالية ولعلها صورة كانت تداعب خيال فريق منكم كما داعبت خيالي.
ولكني أردت معلماً صالحاً قريباً من الواقع أستطيع العثور عليه في هذه الدنيا بسهوله ويُسر.