للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحق الذي لا مرية فيه أن في الشريعة الإسلامية ما يكفل تحقيق العدالة الاجتماعية بأوسع معانيها بالنسبة الأفراد والجماعات. فقد اعتبرت الفرد قواماً للجماعة وسنت له النظم الصالحة لحياته في نفسه وباعتباره عضواً في أسرته وفي عشيرته وفي أمته وفي المجتمع الإنساني عامة ليكون لبنة متينة في بنائه وعضواً قوياً في كيانه. كما اعتبرت الجماعة عضداً للفرد وظهيراً له في أداء رسالته والتمتع بحقوقه والقيام بواجباته ووثقت الصلة بين الرد والجماعة بالتكافل في جميع الحقوق والواجبات.

ولم تدع شأناً من شؤون الفرد والجماعة إلا أنارت فيه السبيل وأوضحت النهج وكشفت عما فيه من صلاح وفساد وخير وشر فكانت لذلك خاتمة الشرائع وأبقاها على الدهر وأصلحها لكل أمة وزمان.

قررت أسمى المبادئ وأعدل النظم في الاجتماع والسياسة والثقافة والاقتصاد وما إلى ذلك مما يكفل للأمة إذا هي استمسكت بها واعتصمت بهديها القوة والسلطان والحياة المشرقة الرافهة التي يسودها التعاون على البر والخير ويظلها الأمن والسلام.

وهذا كتاب الله الذي أنزل على صفوة خلقه بين أيدينا نطالع فيه ما يهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم في كل ما يمس شؤون الحياة ونجد فيه العلاج الشافي لكل نازلة والحل الموفق لكل معضلة مما فيه كل الغنى عما سواه من مذاهب وآراء استحدثها الغرباء عنه وأولع بها بعض الدخلاء فيه أو الجهلاء بمقاصده ومراميه.

وهل يستوي تشريع إلهي حكيم أنزله الله على رسوله لمصالح عباده وهو العليم الخبير بما يصلح لهم ويسعد حالهم ومذاهب وآراء يضعها آحاد الناس كتشريع ونظام عام على ما يظنون ويتخيلون. وهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟