بل نهى سبحانه عن أدنى أنواع التعرض للأموال وهو تمني زوالها عن الغير فقال {وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} للإرشاد إلى أن التفاضل في المال لا يسوغ العدوان عليه ولو بالتمني المذموم. فإن ذلك قسمة صادرة من الحكيم الخبير وعلى العبد أن يرضى بما قسم الله له ولا يتمنى حظ المفضل حسداً وحقداً بل يسأل الله من واسع فضله وجزيل إنعامه فإن خزائن ملكه لا تنفد {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}{وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} .
أقام الشارع هذه النظم الحكيمة الآخذ بعضها برقاب بعض صيانة للمجتمع من الفوضى والفساد ورعاية لمصالح العباد وهو أعلم بها ولم يترك الأمر سدى تعبث به الأهواء ويضل الناس فيه السبيل فأنزل القرآن الكريم هدى ونوراً. وجاءت السنة النبوية بياناً له وتنويراً. وجاء فيهما من التعاليم ما إن تمسك به المسلمون كانوا على بينة من دينهم وعلى هدى من أمرهم وكانت السعادة ملاك أيمانهم وليس بعد الحق إلا الضلال. فليس لمسلم أن يأخذ بغير هدى الإسلام فيما شرعه من الأحكام ولا أن يدعو الناس إلى غير ما دعا إليه من الحق والنور.