للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه كلمة الإسلام في احترام حق الملكية الفردية للعقار وصيانته من العدوان وهو حق تقتضيه سنة العمران وغريزة الإنسان غير أن بعض العقول قد غشيتها في هذا العصر غواش من الظلم حجبت عنها نور الحق فارتطمت في عميائها بالصخور وتردت في المهاوي وتلقفها في إبان هذه العماية وغمرة هاتيك الحيرة شياطين من الإنس يوحون إليهم زخرف القول غروراً ويمنونهم بباطل الأماني وكاذب الأحلام.

فذهب دعاة هدامون إلى إهدار ملكية العقار الفردية وأقاموا نظامهم الاقتصادي والاجتماعي على هذا المبدأ وسيعلمون بعد حين أنه غير صالح للبقاء وأنه إن امتد به الزمن حيناً فسيقضي عليه بالفناء.

لا احتكار للثروة:

وقال آخرون إن الإسلام يرفض وجود طبقة تحتكر الثروة وإنه لحق لو كان هناك احتكار ولكنه في الواقع حديث عن وهم وخيال.

فليس هناك طبقة تحول بقوتها بين الناس وأسباب الغنى والثراء وتمنعهم بحولها من التملك والشراء وليس هناك احتكار من أحد للثروة بالمعنى المفهوم من الاحتكار بل هناك نواميس طبيعية وسنن اجتماعية قضت بتفاوت الناس في القوى والمدارك والعمل والإنتاج. فكان منهم طوائف العمال والصناع والزراع وفيهم الجهال والعلماء والأغبياء والأذكياء والكسالى والمجدون {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} ولهذا التفاوت آثاره الطبيعية في الكسب والتملك كما قضت هذه السنن بخضوع التعامل بين الناس لقاعدة العرض والطلب والحاجة والاستغناء. ولم يشذ عنها التعامل في العقار فلا يزال في ظلها حراً في الأسواق يتبادله من الأفراد من يشاء بالبيع والشراء لا حظر فيه من أحد على أحد.

وليس وجود طبقة عاجزة عن التملك بطريق الشراء مما يسوغ حسبان القادرين عليه محتكرين ما دام مرد الأمر فيه إلى عوامل أخرى ليس منها حجر فريق على حرية فريق.