ونعني به تأجيرها بالذهب أو الفضة أو بما جرى به التعامل من النقود والأوراق المالية. ولا شك في جوازه. ويقاس على ما ذكر التأجير بغيره من سائر الأشياء المعلومة المتقومة كما في سبل السلام ونيل الأوطار) ويدل عليه حديث حنظلة بن قيس السابق.
وعن ابن عباس قال:"إن أمثل ما أنتم صانعون أن تستأجروا الأرض البيضاء ليس فيها شجر من السنة إلى السنة "رواه البخاري.
وعن سعد بن أبي وقاص:"إن أصحاب المزارع في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يكرون مزارعهم بما يكون على السواقي وما سعد بالماء (ما جاء من الماء من غير طلب) مما حول النبت فجاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاختصموا في بعض ذلك فنهاهم أن يكروا بذلك وقال: "اكروا بالذهب والفضة". (رواه أحمد وأبو داود والنسائي) .
وقال ابن المنذر: "إن الصحابة أجمعوا على جواز كراء الأرض بالذهب والفضة ونقل ابن بطال اتفاق فقهاء الأمصار عليه. وقد تبين من ذلك أنه يجوز استغلال الأرض المملوكة بطريق المزارعة المستوفية شرائط الصحة وهي نوع من التأجير وبطريق التأجير بالنقد وما يقاس عليه. ولا شك أن في هذا رفقاً عظيماً بالناس. فإن الملاك قد يعجزون عن العمل بأنفسهم فلا يستطيعون الانتفاع بأرضهم إلا بتأجيرها للغير والمستأجرون قد لا يملكون الأرض مع استطاعة الزراعة فلا يتيسر عيشهم إلا بالاستئجار من الملاك فرعاية للمصلحتين أجازت الشريعة استغلال الأرض بهاتين الطريقتين.
وكثيراً ما كان حظ المستأجر أوفر من حظ المالك وخاصة إذا اتقى الله في عمله وعزم على الوفاء بدينه وإعطاء المالك حقه فإن الله يعينه ويربحه ويبارك له في رزقه.
فالقول بأنه لا استغلال بالإيجار للأرض المملوكة بل لا تأجير مطلقاً قول زائف لا يعول عليه ولا يلتفت إليه من الوجه الشرعية والعلمية.