للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وممن حمل النهي على ذلك وأجاز كراء الأرض بجزء مما يخرج منها كالنصف والثلث والربع دون أن يقارنه شرط مفسد للعقد الخلفاء الراشدون وابن عمر وابن مسعود وسعد بن مالك وحذيفة ومعاذ ابن جبل وأسامة وخباب وعمار بن ياسر وهو قول ابن المسيب وطاووس وابن أبي ليلى والأوزاعي والثوري والقاضي أبي يوسف ومحمد ابن الحسن وابن المنذر وأحمد بن حنبل استناداً لما ثبت في الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم عامل يهود خيبر بعد أن ظهر عليهم على أن يزرعوا له أرضها ولهم نصف ما تخرجه من ثمر أو زرع واستمر اليهود على ذلك إلى صدر من خلافة عمر حتى أجلاهم عنها إلى تيماء وأريحاء.

وعن أبي جعفر قال: "ما بالمدينة أهل بيت هجرة إلا يزرعون على الثلث والربع وزارع عمر وعلي وسعد بن مالك وابن مسعود ومعاذ وعمر بن عبد العزيز والقاسم بن محمد وعروة ابن الزبير وكثير غيرهم".

وقال ابن القيم في زاد المعاد: "في قصة خيبر دليل على جواز المساقاة والمزارعة بجزء من الغلة من ثمر أو زرع فإن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر على ذلك واستمر إلى حين وفاته، ولم ينسخ البتة ودرج عليه الخلفاء الراشدون". اهـ

وجملة القول أنه يجوز استغلال الأرض بكرائها بجزء من الخارج منها على الوجه الذي لا يفضي إلى المنازعة والتخاصم وهو قول الجمهور والقول المفتى به عند الحنفية والمختار عند الشافعية كما ذكره النووي خلافاً لما ذهب إليه أبو حنيفة ومالك والشافعي من عدم جواز كرائها به استناداً إلى أحاديث النهي المطلقة وقد علمت أنها محمولة على ما فيه شروط مفسدة.

على أنه قد روى عن زيد بن ثابت أنه قال: "يغفر الله لرافع أنا والله أعلم بالحديث منه. إنما أتى النبي عليه السلام رجلان من الأنصار قد اقتتلا فقال: "إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع".اهـ

ومقصوده كما في سبل السلام، أن رافعاً اقتطع الحديث فروى النهي ولم يرو أوله فأخل بالمقصود. اهـ