للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذه الروايات يفسر بعضها بعضاً وتدل على أنه عليه السلام لما وجدهم في المدينة يكرون الأرض بعقود مزارعة تشتمل على شروط فاسدة نهاهم عنها لإفضائها إلى التنازع والتقاتل كما صرح به في حديث سعد بن أبي وقاص وحديث زيد بن ثابت وأرشدهم إلى ما ينبغي أن يفعلوه في استغلال مزارعهم فقال مرة كما في رواية سعد: "اكروا بالذهب والفضة" وهو جائز بالإجماع لأن الكراء بهماوبما في معناهما لا مخاطرة فيه وقال مرة كما في رواية ابن عباس: "لأن يمنح أحدكم أخاه خير له من أن يأخذ عليها أجراً معلوماً". وفي رواية: "من كانت له أرض فإنه إن يمنحها أخاه خير له". وهو صريح في عدم إيجاب منح الأرض بدون أجر. وفي جواز أخذ الأجرة لأن الخيرية والأولوية ظاهرة في الجواز. فيكون المراد مجرد استحباب المنح والترغيب فيه مواساة ورفقاً كما صرح به ابن عباس. وخيرهم مرة ثالثة بين هذا الأمر المستحب. وهو إعطاء الأرض منحة بدون أجر وبين أن يزرعوها بأنفسهم أو يتركوها بدون زرع. والأمر في الثلاثة للندب لا للوجوب بقرينة جواز تأجير الأرض بالذهب أو الفضة بالإجماع. وجواز بأجيرها بالنصف أو الثلث أو الربع على طريق المزارعة كما فعل الرسول في أرض خيبر مستمراً على ذلك إلى وفاته وكما فعل أصحابه في حياته وبعد وفاته كما سبق وقد انعقد الإجماع على عدم وجوب الإعارة بلا فرق بين المزارعة وغيرها فوجب حمل هذا الحديث على الاستحباب والندب كما أوضحه صاحب منتقى الأخبار.