على أن الإمام الصنعاني قال في سبل السلام بعد رواية حديث النهي عن المزارعة:"إنه كان في أول الأمر لحاجة الناس وكون المهاجرين ليس لهم أرض فأمر الأنصار بالتكرم والمواساة ويدل عليه ما أخرجه مسلم من حديث جابر قال: "كان لرجال من الأنصار فضول أرض وكانوا يكرونها بالثلث والربع فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه. فإن أبى فليمسكها" وهذا كما نهوا أول الأمر عن ادخار لحوم الأضاحي ليتصدقوا بها ثم بعد أن اتسع حال المسلمين زال الاحتياج فأبيح لهم المزارعة وتصرف المالك في ملكه بما يشاء من إجارة وغيرها ويدل على ذلك ما وقع من المزارعة في عهده صلى الله عليه وسلم وفي عهد الخلفاء من بعده ومن البعيد غفلتهم من النهي وترك إشاعة رافع له في هذه المدة وذكره في آخر خلافة معاوية"اهـ.
وسواء أقلنا أن أحاديث النهي عن المزارعة إنما وردت في المزارعة الفاسدة أم أن النهي عنها كان عاماً أول الأمر للحاجة ثم زال بزوال سببه فإن الذي استقر عليه الأمر في حكم الشريعة الإسلامية أن المالك حر يتصرف في ملكه بما يشاء من زرع ومزارعة وتأجير لا حجر عليه في شيء من ذلك ولا إيجاب.