لما فتح المسلمون سواد العراق في خلافة عمر بن الخطاب رأى الفاتحون أن يقسم بينهم قسمة تملك كقسمة الغنائم فأبى عمر عليهم ذلك وقال كما في كتاب الخراج لأبي يوسف:"والله لا يفتح بعدي بلد فيكون فيه كبير نيل بل عسى أن يكون كلا على المسلمين فإذا قسمت أرض العراق بعلوجها وأرض الشام بعلوجها فما يسد به الثغور وما يكون للذرية والأرامل بهذا البلد وبغيره من أهل الشام والعراق فترك الأرض مملوكة لأهلها يجوز بيعهم لها وتصرفهم فيها وضرب على رؤوسهم الجزية وعلى الأرض الخراج ليكون ما يجبي من ذلك سداداً لحاجة المسلمين عامة ينفق منه على الجيوش المقاتلة وسد الثغور وبناء القناطر والجسور وأرزاق العمال والموظفين وما إلى ذلك مما يتوقف عليه صيانة البيضة وبقاء الدولة. وقد أسلم كثير من أهل السواد فوضعت عنهم الجزية وتداولت الأيدي أرضه وأصبح ملكاً للمسلمين وغيرهم يتصرف كل مالك في ملكه بما يريد من أنواع التصرف ومن هؤلاء الملاك التابعون وتابعوهم وأئمة المسلمين والفقهاء والمحدثين ومن بعدهم على تتابع القرون إلى وقتنا هذا فأي صلة بين هذا وبين ما يدعون إله من قصر ملكية الفرد على قدر عيش الكفاف ووجوب تنازله عما زاد عن ذلك منحة للمعدمين.