للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن وحي الله - عز وجل - سواء كان في القرآن الكريم، أو على لسان الرسول الكريم، محمد بن عبد الله - صلوات الله وسلامه عليه - هو أوثق المصادر على الإطلاق، فهو الذي لا يرقى إليه شك ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لأنه تنزيل من حكيم حميد. قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} فصلت: ٤٢. ومن ثم فإن تقريراته منزّهة عما تتعرض له تقريرات البشر واستنباطاتهم من نتائج ما فطروا عليه من جهل وقصور بشري، ورغبات في النفع الذاتي ومحاباة لذوي السلطان والنفوذ والمال والجاه، أو مجاراة للتيارات السائدة، والسعي وراء الأغراض والأهواء، وكذلك مراعاة لجماهير الأمة ومحاولات استرضائها والتقرب إليها.. ومن ثم فالقيمة العظمى والكبرى للتقريرات الربانية في الكتاب والسنة.

المصدر الثاني:الواقع التاريخي:

وأعني بالواقع التاريخي: الأحداث التاريخية كما حدثت ووقعت بالفعل بأشخاصها ودوافعهم الحقيقية، وأغراضهم وأهدافهم الخاصة والعامة. وقد جاء الواقع التاريخي مصدقاً ومترجماً للتقريرات الربانية، وهذا أمر بديهي بل أكثر من البديهي إن صح هذا التعبير لأن المقرر هو الله سبحانه وتعالى الذي يستوي لعلمه الحاضر المشاهد والماضي السحيق، والمستقبل الغائب.

هذا الذي أعنيه بالواقع التاريخي وليست كتب التاريخ وما كتب فيها جملة وحوته بين صفحاتها..لأن هناك فرقاً كبيراً جداً وبونًا شاسعاً بين الواقع التاريخي كما وقع وحدث بالفعل وبين ما كتب عنه وسجل في كتب التاريخ، لا سيما التي بين أيدي أبنائنا والتي كتبت خصيصاً لأبناء المسلمين فيما أعيد كتابته من تراثنا الإسلامي وبأيدي المستشرقين النصارى واليهود أو تحت إشرافهم وبتوجيه دوائرهم حين بدأوا غزونا الفكري وسأتعرض لهذا الموضوع إن شاء الله -عز وجل - في نهاية هذه المحاضرة.