ولما كانت الجاهلية هي كل حالة أو وضع لا يهتدي بهدي الله تعالى ولا يحكم شريعته - سبحانه - وليست فترة زمنية محدودة [١] ، فوصف الجاهلية يشملهم جميعاً، فهم إذن معسكرات جاهلية وأممهم أمم جاهلية، بل كافرة ومشركة. وقد نص القرآن الكريم والسنة المطهرة على كفرهم جميعاً اليهود والنصارى والمشركين والملحدين. والكفر يشكل بينهم عاملاً مشتركاً "الكفر ملة واحدة".
أما المسلمون فإنهم يشكلون فيما بينهم ومن دون الناس جميعاً أمة واحدة هي الأمة المسلمة أو الإسلامية، ومعسكراً واحداً هو المعسكر الإسلامي، وحزباً واحداً هو حزب الله تعالى ما داموا متمسكين بكتاب الله تعالى وسنة - رسوله صلى الله عليه وسلم -.
من هذا الواقع وهو كون المعسكرات الجاهلية كلها كافرة، وكون المسلمين يشكلون أمة من دون الناس، من هذا الواقع نشأت علاقة غير المسلمين بالمسلمين وتحدد نوعها وهو العداء. عداؤهم لنا وقد كشف القرآن الكريم عنها بقوله تعالى:{إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوّاً مُبِيناً}(النساء:١٠١) .
وفي القرآن الكريم آيات أخرى وردت كهذه الآية الكريمة، بصيغ نهائية قطعية مما يفيد أن عداوتهم ليست عرضية زائلة بل هي أصيلة طويلة الأمد لا يرجى لها زوال ما دام على الأرض كفر وكفار.
هذا وقد نشأ عن هذا العداء الأصيل للمسلمين من قبل غيرهم حقيقتان تاريخيتان هما:
الأولى: استحالة المصلحة والتعايش بسلام دائم بين المسلمين وأي من المعسكرات الجاهلية سواء كانوا الصهاينة أو الصليبيين أو الملحدين أو الوثنيين، وقد بيّن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استحالة هذا اللقاء والتعايش واستحالة المصالحة بين المؤمنين والكافرين بقوله:"لا تراءى ناراهما".