٢- ثم نشأ سبب آخر زاد في عمق وتأصيل كراهية النصارى - لا سيما رؤوسهم من رجال كنيستهم وملوكهم - للإسلام والمسلمين، والجهد في حرب المعسكر الإسلامي.. هذا السبب هو: انطلاق الإسلام في الأرض لتحرير الناس من العبودية لله تعلى وحده ولإخراجهم من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.. واصطدامه بالمعسكر النصراني الصليبي وتحطيمه جيوشه وأنظمته.. والفتوحات التي أحرزها في العالم النصراني نفسه، وانتزاعه منه بلاد الشام ومصر وشمال إفريقيا، ووثبته على الأندلس وتوغله في أوربا من الغرب حتى شاء الله - تعالى - أن يقف المسلمون في تلك الجولة قريباً من (باريس) عاصمة فرنسا، ثم دخوله أوروبا مرة أخرى من الشرق وانتزاعه منه الأناضول والبلقان، وقضاؤه على الإمبراطورية البيزنطية وفتحه عاصمتها القسطنطينية وتحويلها إلى عاصمة الإسلام (إسلام بول) وتوغله بعدها في قلب أوروبا حتى شاء الله - عز وجل - أن يقف في هذه الجولة عند أسوار فيينا عاصمة النمسا. وكذلك صعوده على أوروبا من الجنوب من إيطاليا حتى دق أبواب روما وهدد دولة الفاتيكان. ثم صعوده على روسيا القيصرية وانتزاعه منها أطرافها الجنوبية والشرقية..
وجد المعسكر النصراني الصليبي نفسه أمام عملاق قوي خرج من هذه المدينة المنورة، فحطم له قواه وجيوشه التي كان بها يصول ويجول ويحكم بها نصف العالم، وطارده حتى حصره في أوروبا وحدها بل في جزء منها وطوقه من الشرق والغرب بذراعين قويتين يهدده بهما صباح مساء..