للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكن المسيحية أصابها انحراف كبير وخطير نقلها من ديانة توحيدية سهلة إلى ديانة وثنية معقدة وذلك في عهدها الباكر، وفي منتصف القرن المسيحي الأول على يد اليهودي الماكر (بولس) . إلا أن النصارى ممثلين برجال كنيستهم ظلوا يمنحون أنفسهم وكنيستهم ذلك الاعتبار الذي كان لحواريي عيسى - عليه الصلاة والسلام - وحواريوه - رحمهم الله تعالى - وعلى الرغم من إمعانهم في تحريف ما ورثوه من هذه النصرانية المحرفة وحشوها بالخرافات والأضاليل الكنسية، حتى ظهور الإسلام، وحتى يومنا هذا..

فلما ظهر الإسلام بتوحيده الصافي وحقه المبين، كشف انحراف النصرانية وبطلان ما آلت إليه وأظهر ضلال رجال كنيستها وأتباعها وأقصاهم عما زعموه لأنفسهم من أستاذية العالم وهدايته، وآلت الصدارة للإسلام وغدا المسلمون هم أساتذة العالم وهداة البشرية وقادة الأمم ومرشدي الناس إلى الحق والهدى، وانتزعوا تلك المكانة من النصارى (كما انتزعوها من اليهود في هذه المدينة المنورة بعد الهجرة إليها) .

وقضى المسلمون على ما كان لرجال الكنيسة من سلطة ومصالح، وما زعموه لأنفسهم من وصاية على البشر وأوضاعهم وعلى عقولهم وأرواحهم، وما فرضوه عليهم من حق السخرة وما ابتزوه من أموالهم ضريبة يؤدونها إلى رجال الكنيسة دون تلكؤ أو تردد أو مراجعة أو استفسار.. وهذا كله عدا تعبيدهم لهم من دون الله -تبارك وتعالى -..

قال تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنهم حرموا عليهم الحلال، وأحلوا لهم الحرام، فاتبعوهم، فذلك عبادتهم إياهم".

فكانت ذلك سبباً أصيلاً وعميقاً في كراهية النصارى - لاسيما رجال كنيستهم - للإسلام والمسلمين، وكان وراء ذلك محاولاتهم المستمرة للصد عن الإسلام ورد المسلمين عن دينهم أو القضاء عليهم وعلى إسلامهم..