هذا بعض ما كان منه، أو بدأ به، أما ما كان من الإسلام.. فإن الإسلام ما أن أخضع الجزيرة العربية واستخلصها لنفسه قاعدة له لا يشاركه فيها دين آخر "لا يجتمع في جزيرة العرب دينان"حتى بدأ بالزحف على المعسكر النصراني في انطلاقه العام لتحرير الناس كلهم وتعبيدهم لخالقهم وحده، فكانت اليرموك وكان غيرها..واستمر الصراع حتى اليوم، لم يهدأ، ولم يفتر، بل كثرت ألوانه وأساليبه، وترك بصماته قوية على مكانة العالم النصراني العالمية، وأحدث تغييراً كبيراً في خارطته وأوضاع الشعوب التي كانت تخضع له، مما كان له تأثيره العميق على تفكيره ونفسيته، واتصالاته بنا وتجاربه التي خرج بها خلال هذه القرون الأربعة عشر، فنشأت من ذلك أمور أخذت مع الزمن تترسم في أذهان قادته ورؤوسه من ملوكه وأمرائه ورجال كنيسته وتترسخ في قلوبهم ومشاعرهم وتشكل منطلقات أساسية لنظرتهم إلينا وعلاقتهم بنا، لا يستطيعون فكاكاً منها، ولا تخلصاً من ضغطها بل التحمت بلحمهم وعظمهم، وسرت روحاً في كيانهم لا تفارقهم لحظة من ليل أو نهار.. وقد كانت أولى هذه الأمور: روحاً صليبية حاقدة..فما هي الروح؟ وكيف تشكلت عبر التاريخ؟ وما هو مدى تأثيرها على نظرتهم إلينا وعلاقتهم بنا؟
هذا ما أبدأ الإجابة عليه (بإذن الله تعلى) .
الروح الصليبية ونشأتها:
١- لقد كان عيسى بن مريم - عليه الصلاة والسلام - آخر الرسل قبل سيدهم وخاتمهم محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.
ومن ثم كان حواريوه من بعده هم أساتذة العالم ومرشدي الأمم..