أيها الأخوة: لقد قلنا: من واقع كون المسلمين أمة من دون الناس جميعاً، وكون المعسكرات الجاهلية كلها كافرة نشأت علاقة غير المسلمين بالمسلمين وتحدد نوعها وهو عداؤهم لنا عداء أصيلاً مستمراً لا يرجى له زوال ما دام على الأرض كفر وكفار أو يتحول المسلمون عن دينهم إلى الكفر - والعياذ بالله تعالى -، وأن القرآن الكريم كشف عن هذا بقوله تعالى:{إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوّاً مُبِيناً} هذا من جهة، ومن جهة أخرى: فإن الإسلام بما فيه من حق وطهر وحيوية وحركة لا بد وأن ينطلق يحرر الناس ويطارد الكفر بشتى صوره، ويحطم قواه التي يصول بها ويجول ويزيل أنظمته الجاهلية وأوضاعه التي يفتن بها الناس عن دين الله - تعالى - ويصدهم عنه.. وكان بديهياً ومنتظراً أن يصطدم بالمعسكر النصراني الصليبي القابع في شمال الجزيرة العربية - باعتباره أحد معسكرات الكفر - والذي بدأ يتحرك ويتحفز للانقضاض على المسلمين منذ أن أصبح لهم دولة وقوة في هذه المدينة المنورة، ويترجم بذلك خوف الكفر وحذره من انطلاق الإسلام وإصراره على حرب الإسلام ومحاولات القضاء عليه، ومدفوعاً بطغيان الكفر وبغيه وكرهه للإسلام.. فكانت غزوة مؤتة وكانت غزوة تبوك، وغيرهما..