للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهكذا نجد أن المعسكر النصراني الصليبي يعيش في خوف دائم، وحذر شديد من يقظة المسلمين وعودتهم لإسلامهم، وتسودّ الدنيا في عينيه حين يرى شخصية إسلامية يصيح في المسلمين لتوقظهم أو توحد كلمتهم فترتعد فرائص رؤوسه ويقومون يقابلون دعوته هذه باجتماعات يتداعون لها، وأحلاف يعقدونها كما رأينا منهم عبر التاريخ، وكما نرى اليوم.. كل ذلك خوفاً من أن يستيقظ هذا العملاق المسلم النائم الذي بدأ يتحرك ويصحوا وينتبه من غفلته ونومه الطويل، وخوفاً من أن يعيد التاريخ نفسه..

وهكذا نجد أن المخاوف من المستقبل تضغط هي الأخرى على أعصابهم وتسيطر على تفكيرهم ونظرتهم للإسلام والمسلمين فلا تبرحهم لحظة من ليل أو نهار، ومن ثم تشكل منطلقاً أساسياً آخر من منطلقات نظرتم إلينا ومعاملتهم لنا ينضم إلى المنطلقات الأخرى السالفة الذكر، وهي المصالح الآنية، والثارات القديمة، والروح الصليبية.. التي تنبع كلها من الصراع الطويل الأمد بين الإسلام والكفر..والتي تعمل كلها مجتمعة في عقله وقلبه وفي (بؤرة شعوره) وتسيطر على تفكيره وضميره، وكيانه كله، والتي كانت وما تزال تدفعه دفعاً لحرب الإسلام والمسلمين بشتى الوسائل وعلى كافة المستويات٠٠ولا تدعه يرتاح ويطمئن ما دام في الدنيا إسلام ومسلمون.. فهو إن نسي ثاراته، وخبت روحه الصليبية - مثلاً وجدلاً - ذكرته مصالحه الآنية، فإذا نسي مصالحه أقلقه مخاوفه المستقبلة من صحوة المسلمين وعودتهم إلى دينهم، فهو إذن من أمر الإسلام والمسلمين في شغل شاغل وعمل دائب مستمر - ولقد عمل للتخلص من الإسلام والمسلمين منذ زمن بعيد، وما تلك الحروب التي شنها في الماضي البعيد والقريب (ويشنها اليوم في الفلبين والحبشة وسواهما على المسلمين إلا لوناً من ألوان جهوده للتخلص من الإسلام والمسلمين.. ولكنه اليوم وفي العصر الحاضر يعمل وهو مزود بتجاربه ودروسه التي استفادها من صراعه مع المسلمين..