لقد عرف المعسكر النصراني الصليبي أن المسلم لا يمكن أن يواجه في معركة مكشوفة يكشف فيها عدوه عن حقيقة أهدافه وهي رده عن الإسلام أو قتله، فإن هذا الكشف كفيل بأن يوجد لدى المسلم ردة فعل ترجعه إلى إسلامه فيتمسك بكتاب ربه - تعالى - وسنة نبيه - عليه الصلاة والسلام - وفي ذلك قوته التي لا يقهرها كفر بإذن الله تعالى ونصره.
وعرف كذلك أن المسلم يتمتع برصيد عالٍ من الاستعداد الإيماني حتى والهزيمة تحل به فهو دائماً وأبداً يشعر أنه أعلى من عدوه الذي خدمته ظروف المعركة ولوقت ما، ومن ثم كان المسلم يعتبر أن هذه الهزيمة مؤقتة ولو طال أمدها، يعود بعدها وينتصر على عدوه..
لقد أدرك المعسكر النصراني الصليبي هذا السر في المسلم فعمل وبدأب واستمرار وبشتى الوسائل لتحطيم هذا الاستعلاء الإيماني ووأد روح المقاومة عنده، هذا من جهة، ومن جهة أخرى جاء يتسلل تسللاً يخادع المسلمين ويرفع لهم فوق حروبه معهم شعارات متعددة تخفي طابع غزوه الديني، وتستر حقيقة مقصده وهي التخلص من الإسلام والمسلمين بردهم أو إبادتهم.. والحق أن الظروف ساعدت المعسكر النصراني الصليبي لتحقيق قدر كبير من أهدافه، وأشير الآن إشارات خاطفة لبعض أعماله..
١- لقد عرف المعسكر النصراني الصليبي أن مصدر قوة المسلم هو الكتاب والسنة فعمل على الفصل بينه وبينهما، فشجع على نشر الخرافات والبدع والضلالات والصوفيات [١٧] ، وكلما تحمل على الفصل بين المسلم وكتاب ربه - عز وجل وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام.