وقد تم هذا كله دون أن تشعر الأجيال الجديدة من المسلمين بخطورة هذا الاتجاه وآثاره على مستويات الثقافة، وذلك لأن قدرتها على التمييز والاختيار تضعف بالقدر الذي تهبط فيه مستويات التعليم.. بل إن أجيالنا أصبحت لا تستمرئ ولا ترضى إلا هذا النوع المنخفض من التعليم، فتحرص عليه بدافع حب الراحة والكسل. وإذا رأت مثلاً - وعلى سبيل المثال فقط - مدرساً يتوسع في مادته أو مذكرته لهم، ويطالبهم بالرجوع إلى المصادر الأصيلة والبحث فيها، علت أصواتهم بالاحتجاج، لأنهم يريدون النجاح والشهادة وحسب. أما العلم فهو من شأن طلابه..
هذا بعض ما فعله بنا أعداؤنا، هناك أمور أخرى ومستويات حاربونا عليها لا مجال لذكرها الآن، لضيق الوقت عنها وأكتفي بالإشارة إليها بذكر خطاب القسيس (زويمر) الذي يوضح سياسة المعسكر النصراني الصليبي فينا، وهو الخطاب الذي ألقاه في مؤتمر المبشرين المنعقد في جبل الزيتون بالقدس في عام ١٣٢٧هـ. وقد كان رداً على خطاب ألقاه مقرر المؤتمر الذي قال فيه:
"إن جهود المبشرين فشلت فشلاً ذريعاً في العالم الإسلامي لأنه لم ينتقل من الإسلام إلى المسيحية إلا واحداً من اثنين إما قاصر خضع بوسائل الإغراء أو بالإكراه أو معدم تقطعت به أسباب الرزق فجاءنا مكرهاً ليعيش".
فرد عليه زويمر قائلاً، كاشفاً عن خطة المعسكر النصراني الصليبي في العالم الإسلامي:
قال: "كلا، إن هذا الكلام يدل على أن المبشرين لا يعرفون حقيقة مهمتهم في العالم الإسلامي، إنه ليس من مهمتنا أن نخرج المسلمين من الإسلام إلى المسيحية، كلا.