وقد يعكس الأمر عندما يكون هواه في هذا فيجرد الشيء من خصائصه بكل طاقة له ومن غير إنصاف أو اعتدال.
ولقد حاولت بلاد إسلامية - وقد راعها سخافة هذه الألقاب - أن تكون واقعية، فأصدرت القوانين لمحاربتها ولكنها لم تنجح مع استمرار التجربة سنوات وسنوات، وما تزال هذه الألقاب هي واسطة التخاطب في مجتمعها.
فما السر؟
السر هو أن هذه المجتمعات لا يسود فيها مبدأ الالتزام الذي يجعل المرء يلتزم بما قال، ويفي بما تعهد، وينفذ ما اعتزم، ويرتبط بالمبدأ الذي قطعه على نفسه، وارتضاه لنهجه، ولهذا نجد المجتمع كله يردد هذه الألقاب على الدوام؛ بل إن الأجهزة الحكومية نفسها لا يسود فيها نداء سوى هذه الألقاب، ويمتد هذا من الأجهزة البسيطة إلى أكبر المستويات، وإذا استمعت إلى أجهزة الإعلام لا تجد غير هذه الألقاب الملغاة.
ولا أحد يلتفت، ولا أحد يلوم... لأنه لا "التزام"بما يقال.
وبعد، ألا ما أشبه الالتزام لصحة المسيرة بخيط البناء الذي يشده على الجدار ليلتزم وضع كل حجر في حدود هذا الخيط المستقيم فلا يبرز الجدار ولا يدخل عن وضعه المستقيم.
إن رجال الرياضة يقولون: إن الخط المستقيم هو أقرب الطرق للوصول إلى النقطة، وإن الالتزام والطريق المستقيم للشريعة الغراء بلا انحراف أو انعطاف يمنه أو يسره هو أقرب الطرق للوصول إلى الحقيقة، وأسلم الوسائل لضمان الوصول.