كل هذه الإنجازات مما ذكرنا ومما لم نذكر... إنما هي خلال عقد واحد من الزمن... أي خلال عشر سنوات ميلادية فحسب، وهي لا تعني شيئا في حياة الأمم والشعوب، ولكننا نجد أنها قد عنت وستعني الكثير في حياة المملكة العربية السعودية، قلب العالم العربي الرأسمالي، ودماغ العالم الإسلامي النابه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وهو على كل شيء قدير.
الانحطاط الخلقي
أكبر قضية يواجهها العالم الإنساني اليوم هي قضية الانحطاط الخلقي، وكانت الإنسانية تستطيع أن تتخلص من عذاب قلة التنمية والجوع والخوف والذعر وعدم الثقة فيما بينها لو كانت تملك المثالية والأخلاق الفاضلة، ولكن الواقع اليوم أن إنسانا لا يثق بإنسان ولا يرجو منه خيرا ولا نصيحة ولا برا أو معروفا، ولا رأفة ولا رحمة، ولا يتوقع منه إنجاز الوعد والصدق والأمان والوفاء، وتكاد بأن تزول هذه القيم الخلقية السامية التي هي جوهرة الإنسانية الغالية. إن هذا الانحطاط الخلقي وفقدان السيرة المثالية قد دمرت سياستنا واجتماعنا واقتصادنا، وما بقي الناس متخلقين بهذه القيم الخلقية في أي ناحية من نواحي الحياة، لا يشعرون بالتلكؤ والخجل والحياء في الكذب والخداع والخيانة وإخلاف الوعد، ويشعرون بحرية تامة في الرشوة والارتشاء، ويسيطرون على حقوق غيرهم بدون حياء واحتشام، ولا يراعون في تداوي الإنسان وصحته لجلب الأموال وإكثار الغنى، ويوقعون خلق الله في مصائب كبيرة بالاحتكار وجلب المنافع التافهة، والفوائد العاجلة. إنهم يدوسون أعراض الناس الآخرين وأرواحهم وأموالهم لأغراض تافهة، ولحصول الجاه والمنصب والثراء. والطامة الكبرى هي أن جيلنا الجديد هو مستقبل هذه الأمة يسير مهرولا إلى الانحطاط الخلقي.
نقلا عن مجلة المجتمع.
{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ}(القصص: من الآية٨٨)