أما بعد: فموضوع حديثنا الموجز هذا يتناول دراسة حقيقة من حقائق سورة فاتحة الكتاب، وما أكثر الحقائق والأسرار في القرآن الكريم كتاب الهداية. وقد ثبت في الصحيح عند الترمذي وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحمد لله رب العالمين أم القرآن وأم الكتاب، والسبع المثاني والقرآن العظيم"[١] . ويقال لها "الصلاة"لقوله صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين، قال الله عز وجل حمدني عبدي" الحديث. فسميت الفاتحة صلاة لأنها شرط فيها؛ ويقال لها "الشفاء"لما رواه الدارمي عن أبي سعيد مرفوعا "فاتحة الكتاب شفاء من كل سم"ويقال لها "الواقية"و "الكافية"لأنها تكفي عما عداها ولا يكفي ما سواها عنها كما جاء في بعض الأحاديث المرسلة "أم القرآن عوض من غيرها وليس من غيرها عوض منها"وهي مكية، قاله ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة وأبو العالية رضي الله عن الجميع. ويكفي في ذكر فضلها ما رواه الإمام مالك رحمه الله في الموطأ من حديث العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي، أن أبا سعيد مولى ابن عامر ابن كريز أخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نادى أبي بن كعب وهو يصلي في المسجد، فلما فرغ من صلاته لحقه، قال:"فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على يدي وهو يريد أن يخرج من باب المسجد، ثم قال صلى الله عليه وسلم: إني لأرجو أن لا تخرج من باب المسجد حتى تعلم سورة ما أنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في القرآن مثلها". الحديث.
ومن أراد المزيد من البيان والتفصيل في تفسير هذه السورة المباركة العظيمة، فليراجع كتب التفسير فهي تروي وتشفي العليل. ولنعش ساعة مع هدي قوله تعالى:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}(الفاتحة:٦،٧)