على أن المؤرخين مطبقون على أن القرامطة ليس لهم في التاريخ العربي أي مجد، بل تاريخهم أسوا تاريخ مر بالأمة العربية، علما بأنهم ليسوا من العرب، بل هم جماعة من فروخ المجوس، واليهود أرادوا القضاء على الإسلام، فلما صار لهم دولة عاثوا في الأرض فسادا، واستولوا على البحرين وهجر، وأخافوا البلاد، وروعوا العباد. قال ابن كثير رحمه الله في حوادث سنة ثمان وسبعين ومائتين هجرية: "وفيها تحركت القرامطة، وهم فرقة من الزنادقة الملاحدة أتباع الفلاسفة من الفرس الذين يعتقدون نبوة زرادشت ومزدك، وكانا يبيحان المحرمات، ثم هم بعد ذلك أتباع كل ناعق إلى باطل، وفي سنة سبع عشرة وثلثمائة اشتدت شوكتهم، وتمكنوا من الوصول إلى الكعبة والناس يوم التروية، فما شعروا إلا والقرامطة برئاسة المدعو بابي طاهر الجنابي قد انتهبوا أموالهم، وقتلوا كل من وجدوا من الحجيج في رحاب مكة وشعابها، وفي المسجد الحرام وفي جوف الكعبة، وجلس أميرهم أبو طاهر الجنابي على باب الكعبة والرجال تصرع حوله، والسيوف تعمل في المسجد الحرام في الشهر الحرام في يوم التروية، ويقول هذا الملعون: أنا الله وبالله أنا، أنا أخلق الخلق وأفنيهم أنا، ولم يدع أحد طائفا أو متعلقا بأستار الكعبة إلا قتله؛ ثم أمر بإلقاء القتلى في بئر زمزم، وأمر بقلع باب الكعبة ونزع كسوتها عنها، ثم أمر بأن يقلع الحجر الأسود، فجاء قرمطي فضرب الحجر بمثقل في يده وهو يقول: أين الطير الأبابيل؟ أين الحجارة من سجيل؟ ثم قلع الحجر الأسود، وأخذوه معهم، فمكث عندهم اثنتين وعشرين سنة. وقد اعتز عبد الله باذيب بعلي بن الفضل الذي تغلب على اليمن، وزعم أنه طلع من يافع، وقد جهل أو تجاهل هذا المغرور أن علي بن الفضل هذا كان يعمل هو وأتباعه عمل قوم لوط، ويحرض نساءه على الزنا والدعارة، ويرغب أتباعه كالشيوعيين المحدثين في وقاع أمهاتهم وأخواتهم وبناتهم؛ إذ يقول في قصيدته المشهورة: