وقد أرجع ابن كثير وغيره من المؤرخين أصل القرامطة إلى اليهود والمجوس، وذكروا أنه بعد أن أظهر الله الإسلام، وبسط رواقه على أرض فارس، تشاور جماعة من المجوس والمزدكية، وشرذمة من الثنوية، وطائفة من ملاحدة الفلاسفة، وبعض اليهود في حيلة يدفعون بها في نحر الإسلام، ويعملون بها على تشتيت شمل المسلمين، فاتفقوا على انتحال مذهب يستمد أصوله من أصول الفلاسفة، وقواعد المزدكية، وعقائد الثنوية واليهود، ورأوا أن أنجع الوسائل لتحقيق أهدافهم أن يتمسحوا بالانتساب إلى نصرة آل البيت، بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يختاروا رجلا يزعمون للرعاع بأنه من آل البيت، وأنه يجب على كافة الخلق مبايعته، وتتعين عليهم طاعته، مدعين أنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه معصوم عن الخطأ؛ وقد تذرعوا بذلك إلى استدراج العامة لينسلخوا من الدين، فإن أراد أحد أن يتمسك بظاهر القرآن ومتواتر الأخبار، أخبروه أن تلك الظواهر لها أسرار وبواطن، وأن أمارة الأحمق الانخداع بظواهرها، وأن الفطن هو من لا يرى هذه الظواهر، وإنما يتبع الإمام في تفسير الباطن، فكان هؤلاء الباطنيون كما قيل عنهم: ظاهرهم الرفض، وباطنهم الكفر المحض. وقد اتفقت كلمة الناس عنهم أنهم كانوا يسلطون أتباعهم على الشهوات، وقضاء الملذات، وانتهاك الحرمات، وأنهم كانوا يستبيحون كل محرم، وكان لهم ليلة يجتمعون فيها رجالهم ونساؤهم، ويطفئون سرجهم، ثم يتناهبون النساء، وأنهم كانوا يؤمنون برجل في جاهلية الفرس قبل الإسلام يدعى شروين، ويزعمون أنه كان نبيا، وأنه أفضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. هذا وقد قسمت الماسونية جمعياتها حسب مخططاتها وأغراضها، فبعض هذه الجمعيات