ولم يقيد الانتساب إلى هذا المعهد بسن ولا بجنس، فقد تلاقى في حلقاته المكتهلون والشباب والغلمان والنساء والعذارى، وسمعوا جميعا من المعلم الأول وأخذوا عنه واستفتوه، وقيدت عقولهم كل آبدة، ولم تفر من أذهانهم شاردة، أخذوا الكثير وفقهوا الكثير، ثم حملوا عن المعلم الأول شريعة الله إلى العالم، فقضوا بها بين الناس أحكاما وفتاوى عاشت على الأحقاب مرجعا يفيء إليه طلاب الحق حين تختلف أفهامهم وأفكارهم. ولقد تطلعت الأقطار في فجر الإسلام إلى طلاب معهد الرسول فأخذ طلاب الخير والشرع عنهم ما أخذوا، ونهلوا مما أفاء الله على علماء المدينة ما نهلوا، وخرجت من المدينة أجيال حملت إلى العالم الإسلامي خير شريعة عرفها الوجود، فكم كان فيها من هداة! وكم انطلق منها من دعاة! وكم تربى في رحابها من أئمة!.
فهل آن لمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعود إليها مكانها العلمي فيرى العالم الإسلامي أفواجا من المتخرجين في جامعتها الإسلامية تحمل إلى العالم رسالة الإسلام عقيدة خالية من الشوائب، وشريعة حاكمة قوامها كتاب الله وسنة رسول الله، تنطق بها أفواج المبعوثين كما انطلق بها علماء هذه المدينة في فجر الإسلام.
وهل آن للوافدين من الأقطار الإسلامية إلى هذه الجامعة أن يتزودوا من الثقافة الإسلامية زادا يملأ عقولهم وأرواحهم قبل أن يعودوا إلى أقوامهم ليأخذوا بأيديهم إلى طريق الحق، ولينتشلوهم من الحبائل التي نصبتها الصليبية أو الإلحادية؟.
وهل آن لهذه الجامعة الإسلامية الفتية أن تحمل عن كهولة الأزهر الأعباء التي حملتها كواهله عشرة قرون؟.
وهل آن لهذه الجامعة الإسلامية أن تعيد إلى الإسلام مكانة أول معهد في الإسلام؟.