وإذا كان طلب العلم فريضة فتارك العلم تارك لفريضة فرضها الله ومن البديهي أن تارك الفريضة له عقوبته عند الله سبحانه, أما العقوبة الدنيوية لتارك التعليم فقد ذكرها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عندما سمع بقبيلتين متجاورتين إحداهما عالمة والأخرى جاهلة لا تقوم الأولى بواجبها من تعليم العلم, ولا تقوم الثانية بواجبها من تعلم العلم إذ صعد المنبر وخطب الناس وقال:"ما بال أقوام لا يعلمون جيرانهم, ولا يفقهونهم, وما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم ولا يتفقهون, والله ليعلمن قوم جيرانهم, وليتعلمن قوم من جيرانهم أو لأعاجلنهم العقوبة"[١٧] فقوله صلى الله عليه وسلم أو لأعاجلنهم العقوبة يشير إلى العقوبة الدنيوية, أما ما هي هذه العقوبة؟ ما نوعها؟ وما مقدارها؟ فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبينها فهي خاضعة إذاً لمبدأ التعزير يقدرها الحاكم يما يصلح أحوال الناس.
وإننا لنلحظ أن الإسلام أول نظام في العالم يفرض العلم فرضا ويعاقب من لا يتعلم, إن هذا النظام لم يصل إليه أبناء القرن العشرين مع ما يدعون من مدينة ومن شعارات براقة زائفة.
كما أن التعليم في الإسلام مجاني فقد أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم المعلمين إلى القبائل يبذلون العلم مجانا وكذلك سار على هذا الهدي علماء الإسلام الأجلاء وأئمة المسلمين فهذا الإمام مالك رضي الله عنه يجلس في المسجد ليعلم الناس دون أن يتقاضى على ذلك أي أجر وهذا سعيد بن المسيب وأبو حنيفة والأوزاعي وغيرهم ... وغيرهم لم يعهد عن أحد منهم أنه أخذ أجرا, وإن افتى العلماء بجواز أخذ الأجرة مقابل التفرغ للقيام بأعباء التعليم.