للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يكتف الإسلام بكل ذلك بل بنى أصوله على العلم الصحيح والتفكير السليم فالعقيدة تقوم النظر لا على التقليد أو الهوى فالطريق الموصل إلى الإيمان بالله عز وجل هو التأمل في ملكوت السموات والأرض والاعتبار بما في كتاب الكون من آيات ناطقة بقدرته تعالى وعظمته: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرض وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرض لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [١٨] كما يأمر الإسلام بالحذر من الظنون والأوهام ويعلل ذلك بأنهما من الأسباب التي أدت إلى تضليل الناس وإفساد نفوسهم: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأرض يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} [١٩] ويقول سبحانه: {إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً} [٢٠] . والقرآن يأمر بالاعتماد على العلم اليقيني لا على الأهواء والأوهام وينعى على أقوام غامروا بعقولهم في متاهات من الظنون والأهواء التي من شأنها أن تغطي الحقائق بدلا من أن تكشف عنها: {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [٢١] وقال سبحانه: {وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [٢٢] .

والإسلام دين الحجة والبرهان فهو يأمر بألا يقبل الإنسان شيئا على أنه حق إلا اذا أقام عليه البرهان: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [٢٣]