ولا يجوز الإيمان بشيء إلا ببرهان فإذا سئل المؤمنون عن معتقداتهم لم يتلعثموا في الجواب كما هو شأن المقلدين الذين لا ينظرون فيما يلقى اليهم نظر تمحيص:{وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُون}[٢٤] ويقول تعالى مطالبا المشركين بالبرهان مطالبة تعجيز {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[٢٥]
كما أن الإسلام عدو التقليد الأعمى فهو يشدد النكير على أناس كانوا يتمسكون بالرأي لا لأنهم عقلوه ولكن لأن آباءهم فعلوه {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ}[٢٦] والقرآن ينفر الشعوب من التقليد الأعمى للقادة: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ}[٢٧]
والقرآن لا يكتفي بالنهي عن التقليد للآباء والانقياد الأعمى للقادة والزعماء بل دعى للأخذ بالأحسن {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ}[٢٨]
وهكذا أضفى الإسلام الصفة الدينية على البحث عن الحقيقة العلمية سواء أكانت من نوع الخبر أو من نوع الإنشاء وبديهي أن القيام بهذه المهمة يتوقف على وضع منهج للبحث ومعلوم أنه بقدر ما يكون المنهج صافيا سليما تكون الغاية صحيحة سليمة.