وخرج أبو داود والترمذي والنسائي بإسناد جيد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أتاني جبريل فقال لي: أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت قَرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فمرْ برأس التماثيل الذي في البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة، ومرْ بالستر فليقطع منه وسادتان منبوذتان توطآن، ومرْ بالكلب فليخرج، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا الكلب لحسن أو لحسين كان تحت نضد لهم فأمر به فأخرج". هذا لفظ أبي داود، ولفظ الترمذي نحوه. ولفظ النسائي: استأذن جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادخل, فقال: كيف أدخل وفي بيتك ستر فيه تصاوير؟ فإما أن تقطع رءوسها أو تجعل بساطاً يوطأ، فإنا معشر الملائكة لا ندخل بيتاً فيه تصاوير. اهـ.
وفي الباب من الأحاديث غير ما ذكرنا كثير.
وهذه الأحاديث وما جاء في معناها دالة دلالة ظاهرة على تحريم التصوير لكل ذي روح، وأن ذلك من كبائر الذنوب المتوعد عليها بالنار.
وهي عامة لأنواع التصوير سواء كان للصورة ظل أم لا, وسواء كان التصوير في حائط أو ستر أو قميص أو مرآة أو قرطاس أو غير ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفرق بين ما له ظل وغيره. ولا بين ما جعل في ستر أو غيره، بل لعن الصور، وأخبر أن المصورين أشد الناس عذاباً يوم القيامة، وأن كل مصور في النار، وأطلق ذلك ولم يستثن شيئاً.
ويؤيد العموم أنه لما رأى التصاوير في الستر الذي عند عائشة هتكه وتلون وجهه وقال:"إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله" وفي لفظ أنه قال- عندما رأى الستر-: "إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم", فهذا ونحوه صريح في دخول المصور للصور في الستور ونحوه في عموم الوعيد.