قال صاحب الفروق والقواعد السنية في الأسرار الفقهية التي حشى بها فروق القرافي ص ٢١٦ ج١ طبع دار إحياء الكتب العربية:" اعلم أن النبات المعروف بالحشيشة لم يتكلم عليه الأئمة المجتهدون ولا غيرهم من علماء السلف لأنه لم يكن في زمنهم وإنما ظهر في أواخر المائة السادسة وانتشرت في دولة التتار قال العلقمي في شرح الجامع: "حكي أن رجلاً من العجم قدم القاهرة وطلب دليلاً على تحريم الحشيشة وعقد لذلك مجلساً حضره علماء العصر فاستدل الحافظ زين الدين العراقي بحديث أم سلمة:" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر", فأعجب الحاضرين"، قال: "ونبه السيوطي على صحته واحتج به ابن حجر على حرمة المفتر ولو لم يكن شراباً ولا مسكراً ", ذكره في باب الخمر والعسل من شرح البخاري واحتج به القسطلاني في المواهب اللدنية على ذلك أيضاً وذكره السيوطي في جامعه ولولا صلاحيته للاحتجاج به ما احتج به هؤلاء وهم رجال الحديث وجهابذته.
وكون الحشيشة من المفتر مما أطبق عليه مستعملوها ممن يعتد بهم وبخبرهم يعتد في مثل هذا الأمر، والقاعدة عند المحدثين والأصوليين أنه إذا ورد النهي عن شيئين مقترنين ثم نص على حكم النهي عن أحدهما من حرمة أو غيرها أعطى الآخر ذلك الحكم بدليل اقترانهما في الذكر والنهي.
وفي الحديث المذكور ذكر المفتر مقروناً بالمسكر وتقرر عندنا تحريم المسكر بالكتاب والسنة والإجماع فيجب أن يعطى المفتر حكمه بقرينة النهي عنهما مقترنين وفسر غير واحد التفتير باسترخاء الأطراف وتخدرها وصيرورتها إلى وهن وانكسار وذلك من مبادئ النشوة معروف عند أهلها أفاده ابن حمدون. اهـ